لقد قال الله تعلى يصفهم، ويصف خضوعهم المطلق لله:﴿ لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً﴾ (النساء:172)، وقال:﴿ إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ﴾ (لأعراف:206)، وقال:﴿ وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ﴾ (الانبياء:19)
انظر.. هؤلاء المقربون الموصوفون في هذه الآيات كلهم وصفوا بالعبودية المطلقة لله، فهم لا يستكبرون عنها ولا يأنفون ولا يتعاظمون ولا يستحسرون[1] فيعيون وينقطعون.
ولهذا، فإن أعظم شرف يناله المؤمن ويستحق به تقريب الله هو أن تصح نسبته إلى العبودية لله..
فالله تعالى يشرف عباده المقربين بنسبته إليه، فيقول:﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً﴾ (الفرقان:63)، ويقول:﴿ عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً﴾ (الانسان:6)
وهو يجعل البشارة المطلقة لعباده، فيقول:﴿ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ﴾ (الزمر:17)
وهو يجعل الأمن المطلق لهم فقال:﴿ يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ﴾ (الزخرف:68)
وهو يعزل الشيطان عن سلطانه عليهم خاصة وجعل سلطانه على من تولاه وأشرك به فقال:﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾ (الحجر:42)، وقال:﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً﴾ (الاسراء:65)
[1] يقال حسر واستحسر: إذا تعب وأعيا.