ولهذا يجمع الله تعالى بين همتي المؤمنين
الذين ترقت هممهم فلم تقف مع زينة الحياة الدنيا، ولم تحبس نفسها في قيودها مع همة
الكافرين التي باعت نفسها لأول ما لاح لها من مظاهر الزينة، قال تعالى:﴿
زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ
آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ
مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ (البقرة:212)
وفي هذه الآية تصوير بديع لسخرية
الكافرين الذين استغرقوا في حب الدنيا، وعبادتها، بل فنوا فيها عما سواها من
المؤمنين الذين تعاملوا مع الدنيا بعقولهم لا بشهواتهم، وبربهم لا بأنفسهم،
وبدينهم لا بأهوائهم.
جاء ذلك الصبي الصغير الذي أدخلني إلى
بيت أويس، وقال ـ وقد كان يتابع حديثنا على كثب باهتمام شديد ـ: لقد صنف أهل الله
فرق هؤلاء وطوائفهم كما يصنف قومنا