وكأن هذه الآية تخاطب القاصرين الذين
ينظرون بعين واحدة إلى الأشياء، فيتصورون أن إقبالهم على الدين يحول بينهم وبين
الإقبال على الدنيا، أو أن رغبتهم في الآخرة تحول بينهم، وبين زينة الدنيا، ولهذا
يستنكر الله تعالى أن تحرم الطيبات، ويعتبر أنها من منن الله على جميع البشر،
وأنها خاصة بالمؤمنين خالصة لهم في الآخرة، قال تعالى:﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ
زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ
قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ
الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ (لأعراف:32)
قال الصبي: بل إن الله تعالى ذكر أن
هؤلاء العارفين يدعون الله لدنياهم كما يدعونه لأخراهم.. قال تعالى:﴿
وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي
الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ (البقرة:201)، وقال ذاكرا دعاء من أدعيتهم:﴿
وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا
إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ
شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ
هُمْ بِآياتِنَا يُؤْمِنُونَ﴾ (لأعراف:156)، وقال ذاكرا دعاء نبيه يوسف u:﴿ رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ
الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً
وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ (يوسف:101)
السلوك:
لست أدري كيف قلت من غير أن أشعر: أرانا
انشغلنا عن زهد محمد.
قال أويس: في بداية إرادتي.. عندما توجهت
همتي للبحث عن الإنسان الكامل.. لقيت رجلا حكيما ممتلئا بالأنوار.. قال لي كلمة لا
أزال أذكرها.. لعلها خير جواب عما ذكرت.
قلت: ما قال؟
قال أويس: لقد قال لي: (كل شمس لا تطيق
الوصول إليها يمكنك أن تعبر إليها من