قلت: بلى رأيتها..
قال: فقد شبه بها المؤمن..
قلت: ولكن ثمارها طيبة حلوة مغذية.. وهي أشبه بالرفق منها بالشدة.
قال: لولا جذورها الشديدة الممتدة في الأرض ما كانت لها الثمار.. لقد ضرب الله مثل الكلمة الطيبة بالشجرة الشديدة الصلبة، فقال:﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24)تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25)﴾ (إبراهيم)، بينما ذكر الشجرة الخبيثة، فقال:﴿ وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26)﴾ (إبراهيم)، ثم قال بعدها يبين معنى اشتداد الجذور:﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27)﴾ (إبراهيم)
قلت: لقد أشارت الآية التي قرأتها إلى هذا المعنى، ففيها:﴿ وَمَثَلُهُمْ فِي الْأِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ﴾ (الفتح: 29)
قال: بورك فيك.. ألا ترى أنه لولا اشتداد السوق ما استطاع الزرع أن يعطي ثماره.
قلت: بلى.. فما الشدة التي يتسم بها الإمام الوارث؟
قال: لقد ذكر الله تعالى المفاصلة التامة بين الكفر والإيمان، وبين أساليب أهل الكفر وأساليب أهل الإيمان، فقال تعالى:﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)﴾ (الكافرون)
إن هذه السورة الكريمة تدعو إلى تميز المؤمنين التام عن غيرهم.. فلا يمكن أن يأخذ المؤمنون بأنصاف الحلول.. بل لابد أن يدخلوا في السلم كافة.
قلت: فكيف رأيت بديع الزمان، ومن معه من الورثة، يطبقون هذه الصفة؟