وقد نصت الوثيقة على أن على الدولة الإسلامية أن تقيم العدل بين
الناس، وتيسر السبل أمام كل إنسان يطلب حقه أن يصل إلى حقه بأيسر السبل وأسرعها،
دون أن يكلفه ذلك جهداً أو مالاً، وعليها أن تمنع أي وسيلة من الوسائل من شأنها أن
تعيق صاحب الحق من الوصول إلى حقه.
لقد أوجب الإسلام على الحكام أن يقيموا العدل بين الناس، دون
النظر إلى لغاتهم أو أوطانهم، أو أحوالهم الاجتماعية، فهو يعدل بين المتخاصمين،
ويحكم بالحق، ولا يهمه أن يكون المحكوم لهم أصدقاء أو أعداء، أغنياء أو فقراء،
عمالاً أو أصحاب عمل، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا
قَوَّامِينَ للهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ
عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللهَ
إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ (المائدة: 8)، أي لا يحملنكم بغض قوم على ظلمهم، ومقتضى هذا أنه لا
يحملنكم قوم على محاباتهم والميل معهم.
أما المساواة؛ فقد صرحت نصوص كثيرة في الصحيفة بمراعاتها، منها:
(أن ذمة الله واحدة) وأن المسلمين (يجير عليهم أدناهم) وأن (بعضهم موالي بعض دون
الناس)، أي أنهم يتناصرون في السراء والضراء.. وتضمنت المادة (19) أن (المؤمنين
يبيء[1] بعضهم علي بعض بما نال دماءهم في
سبيل الله)
قلت: فما استفدتم من هذه المواد؟
قال: لقد بحثنا عن كل ما يطلبه الإنسان من حقوق مشروعة، فرحنا
نبني تشريعاتنا لأجل تحقيقها ومراعاتها..
قلت: لقد قيدت الحقوق بكونها مشروعة.. وفي ذلك يتلاعب
المتلاعبون من المستبدين حيث لا يسمحون إلا بالحقوق التي تخدمهم أو لا تضرهم.