قال: إن كل وارث يسمع قوله
تعالى:﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (2) وَمَا
يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (4)
أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (5) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6) وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا
يَزَّكَّى (7) وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (8) وَهُوَ يَخْشَى (9) فَأَنْتَ
عَنْهُ تَلَهَّى (10)﴾ (عبس) يقول لكل ضعيف مستضعف إذا رآه: (مرحبا بمن
عاتبنى فيه ربى) [1]
لقد كان التعالى على الطبقية بجميع
أنواعها هو سنة النبي a..
ففي الوقت الذي كان يفرق فيه بين الموالي والأحرار آخى النبي a في أول الهجرة بين عمه حمزة ومولاه
زيداً .. وجعل خالد بن رويحة الخثعمي وبلالا بن رباح أخوين[2].
وبعث زيداً أميراً في غزوة مؤته، وجعله
الأمير الأول، يليه جعفر بن أبي طالب، ثم عبد الله بن رواحه الأنصاري، على ثلاثة
آلاف من المهاجرين والأنصار.
وكان آخر عمل من أعماله a أن أمَّر أسامة بن زيد على جيش لغزو
الروم، يضم كثيرا من المهاجرين والأنصار، فيهم أبو بكر وعمر وسعد بن أبي وقاص وغيرهم.
وقد تململ بعض الناس من إمارة أسامة وهو
حدث، وفي ذلك قال ابن عمر: بعث رسول الله a بعثاً أمر عليهم أسامة بن زيد فطعن بعض الناس في إمارته، فقال
النبي a: (إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم
تطعنون في إمارة أبيه من قبل، وأيم الله إن كان لخليقاً للإمارة، وإن كان لمن أحب
الناس إليّ. وإن هذا لمن أحب الناس إلي) [3]
ولما لغطت ألسنة بشأن سلمان الفارسي،
وتحدثوا عن الفارسية والعربية، بحكم إيحاءات القومية الضيقة، قال رسول الله a: (سلمان منا أهل البيت) [4]
[1] بناء على القول بأن الآيات نزلت في النبي a، وقد أشرنا إلى ذلك، وتوجيه
هذا القول وعدم منافاته للعصمة، وذكرنا قول الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في ذلك في
[النبي المعصوم]
[2] النصوص المنقولة هنا والتعليقات المرتبطة بها منقولة من (في
ظلال القرآن) ببعض التصرف.