وكان a ـ لزهده ـ يكره الجمع بين أدمين من غير
أن يحرمه.. ففي الحديث: (أتى رسول الله a بإناء أو قعب فيه لبن وعسل فقال: (أدمان في إناء لا آكله ولا أحرمه)[1]
وكان مع ذلك يأمر بالائتدام.. ففي الحديث
أن رسول الله a قال: ((ائتدموا، ولو بالماء)[2]
قلت: فمع من يأكل؟
قال: مع الكل.. لم يكن a يتكبر عن الأكل مع أحد من الناس..
لقد أكل a مع المجذوم الذي يعافه الناس، ويخافون
منه.. فعن جابر أن رسول الله a أخذ
بيد مجذوم فوضعها معه في القصعة وقال: ((كل ثقة بالله تعالى، وتوكلا عليه[3][4]
وأكل a مع امرأة من غير زوجاته في إناء واحد
على عكس المتشددين المتنطعين.. فعن أم صبية خولة بنت قيس قالت: اختلفت يدي ويد
رسول الله a في إناء واحد [5].
وكان a يعرض الطعام على النسوة، فعن أسماء بنت يزيد بن السكن قالت:
أتى رسول الله a بطعام فقلنا لا نشتهيه، فقال: (لا
تجمعن كذبا وجوعا)[6]
قلت: فحدثني عن الأواني التي استعملها، فإني أرى قوما ـ باسم
السنة ـ يكرهون الأكل على الموائد.
[1] رواه الطبراني برجال ثقات غير محمد بن عبد الكبير بن شعيب.
[3] وهذا لا يخالف ما ورد في الحديث عن الشريد بن سويد قال: (كان
في وفد ثقيف رجل مجذوم فأرسل إليه رسول الله a: (إنا قد بايعناك) (رواه أحمد
ومسلم والبيهقي).. فهذا مبني على التشريع ومراعاة الأسباب، وفي الطعام مبني على
مراعاة التوحيد، والتوكل على الله.