(محمد رسول الله).. هذه هي رسالته في الحياة.. وهذه وظيفته
التي نذر حياته لها.
لم أدر إلا وأنا أمسك بيد الرجل، وأقول له: خذني معك.. ما أشد
شوقي للتعرف على محمد رسول الله..
دخلت قاعة المحاضرات بعد أن سخرت كل ما لدي من قوى لمزاحمة
الجموع المكتظة.. والتي كان مظهرها يدل على أديان مختلفة متباينة.. وكأن الأديان
جميعا قد اجتمعت لتسمع من هذا الرجل ما يقوله عن نبيه.
رأيت مدير الجامعة يحمل مكبر الصوت، ويقول: بناء على مبدأ (حرية
التعبير) الذي تبنته جامعتنا الموقرة.. اسمحوا لي أن أقدم لكم اليوم شخصية مسلمة،
بعد أن قدمت لكم في الأسابيع الماضية شخصيات من مختلف الأديان[1].
إن السؤال الذي أردنا من كل محاضر أن يجيب عنه هو: من هو
الإنسان الذي يمكن اعتباره وسيطا بين الخالق والإنسان، بحيث يستطيع الضمير أن
يطمئن للسير خلفه، والاستنان بسنته؟
لقد أجاب كل محاضر بحسب ما لديه من قناعات..
وبناء على هذا.. وبناء على احترامنا للمسلمين باعتبارهم من
الطوائف المهمة والعريقة بهذا البلد.. فإنه يسرنا اليوم أن نستمع إلى السيد سليمان
الندوي.. وهو من تعرفونه في قدراته العلمية التي عمقتها خبرته بالحياة، وبالواقع
الإنساني.
بعد أن انتهى مدير الجامعة من تقديمه، تقدم رجل يظهر عليه من
الوقار والهيبة ما يجعلك تطمئن إليه اطمئنانا كليا.. استلم من مدير الجامعة مكبر
الصوت.. وراح يقول، وهو واقف من غير أن يجلس على الكرسي الذي أعد له: اسمحوا لي أن
أخاطبكم، وأنا واقف..
[1] كانت جامعة (مدراس) قد أباحت لبعض أحبار المسيحية من
الأمريكيين وغيرهم إلقاء محاضرات في البحوث التي وقفوا حياتهم عليها.. وقد سبقت
محاضراتهم محاضرات السيد سليمان الندوي.