قال: لقد كان لقمان الحكيم هو سبب توبته وندمه.. لقد ظل لقمان داعية
إلى الله إلى آخر قطرة من عمره.
قلت: إن ما تقوله عجيب.. كيف وقد قتل؟
قال: لقد حكى لنا قاتله من أمره ما قفت له شعورنا، وعلمنا منه أنه
كان لصاحبنا من الصدق والإخلاص ما لم نكن نتصوره.
قلت: فما حكى؟
قال: بعد أن طعنه، ونفذت الطعنة القاتلة فيه، نظر إليه والبسمة تملأ
شفتيه، وقال له: يا أخي.. ما أنا سوى بشر بسيط.. وجسدي الذي طعنته بشفرتك لا يختلف
كثيرا عن التراب الذي تسير عليه.. فلا تنشغل بي عن السير إلى ربك.. سر إلى الله،
فإنك إن سرت ترى العجائب.
ثم قال له: إن كان لي حق في قتلك لي.. فقد أسقطته.. وأرجو أن نلتقي
عند ربنا أخوين لندخل جميعا جنة الرضوان.. تلك الجنة التي لا غل فيها ولا حقد ولا
صراع..
قال ذلك، ثم ابتسم ابتسامة عريضة، وقال: أعوذ بك يا رب أن يشقى هذا
المسكين بسببي.. فافتح له من أبواب رحمتك وفضلك وهدايتك ما تريد الشياطين أن تغلقه
في وجهه.
قلت: إن هذا مشهد مؤثر.. فما فعل القاتل؟
قال: لقد أخبرنا بما نزل على قلبه من أشعة النور التي حولته فردا من
أهل الله، وقد صحبنا زمانا، ورأينا من علامات صدق توبته ما جعلنا نؤمن بعظم المنهج
الذي اختاره الحكيم في الدعوة إلى ربه.. منهج الحكمة الذي استفاده من النبي
الحكيم.