قال: إن لهذا الطائر هو الذي جئت أبحث عنه.. إنه السيمرغ[1] الذي تحدث عنه الأولياء.. ألا
تعرفه؟
قلت: أنا لا أعرف في هذه المفازة إلا البحث عن النجاة..
قال: لقد ذكرتها لك.. لا تتثاقل إلى الأرض.. اركب سيارتك، ولا تدعها
تركبك.. قدها، ولا تدعها تقودك..
قال ذلك، ثم انصرف مسرعا نحو ذلك الطائر العجيب الذي كان يرسل من
الألحان ما يملأ القلوب بطرب لا يستطيع أي لسان في الدنيا تصويره ولا تفسيره.
بعد أن غاب عني عاد اليأس يدب إلى نفسي من جديد.. فامتطيت السيارة،
ورحت أنتظر قدر الله..
أخذتني سنة من النوم.. لم أفطن بعدها إلا برجل هو أشبه الناس
بالحكيم، وبمحمد الوارث.. فصحت: ها قد أرسلك الله إلي ـ يا محمد ـ لتنقذني؟
قال: أبشر.. فأنا ليس لي من دور في هذه الغابة إلا الإنقاذ.. كل من
أطاعني أنقذته من الموت المحقق..
قلت: ومن هو الأحمق الذي يرفض أن تنقذه؟
قال: كثيرون هم.. وإن شئت أريتك من جثثهم ما يملؤك رعبا.
قلت: هؤلاء مجانين لا حمقى.
قال: ولكنهم يدعون أنهم أعقل الناس وأعلم الناس وأغنى الناس.. كلما
جئت إليهم محذرا من السباع المتربصة والثعابين المتلهفة كلما أداروا رؤوسهم وصعروا
خدودهم.. وقالوا: اذهب، فلسنا في حاجة إليك.
[1] أشير
به إلى (منطق الطير)لفريد الدين العطار، وأشير بالسيمرغ إلى الطيور التي كانت تبحث
عن الملك، وتطير شوقا إليه، وكل ذلك من باب الكناية على أن طريق الهداية لا حدود
له.