صاحبه بالحسد والحقد لن يفكر إلا فيما يرضي سموم الحسد والحقد التي
تمتلئ بها نفسه.
لقد ذكر الله تعالى ذلك، فقال:﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ
الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ
عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا
وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ﴾ (البقرة:109).. لقد ذكر الله تعالى في هذه الآية الكريمة أن الحسد
هو الذي حال بين هؤلاء وبين التسليم للحق..
قلت: ولكن مع ذلك.. فإن المقاييس العقلية يمكنها أن تطهر العقل من
ران هذه الأكوام..
قال: ذلك صحيح.. إذا استطاع صاحب العقل أن يعمل عقله.. ويلغي ما
تطلبه نفسه من نوازع الشر.
قلت: أي منطق تعتمدون في هذه المدرسة.. فإن للمنطق مدارس مختلفة.
قال: هو باختلاف مدارسه يؤول إلى شيء واحد.. ونحن نعتمد كل ما ورد في
ذلك..
التسيير:
بعد أن مكثنا فترة في الفرع الثالث.. انتقلت مع بعض رفاقي إلى الفرع
الرابع والأخير من قسم (الخبرة).. وقد كتب على بابه قوله تعالى:﴿
يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ﴾
(البقرة: 189)، وقد لاقانا الغزالي كعهدنا به في بداية الدخول إلى كل فرع، وقد كان
أول ما سألته هو عن سر وضع آية الأهلة في مدخل الفرع، فقال: هذه الآية تشير إلى
العلم الذي ستدرسونه في هذا الفرع.