قلت: أفي القرآن الكريم ما يشير إلى هذا؟
قال: يستحيل على الكتاب الذي فيه بيان كل شيء ألا يكون فيه مثل هذا.
قلت: فأين هو فيه؟
قال: فيه جميعا.. فكل آية في القرآن الكريم تحمل أدبا يزين به الباطن، ليبرز أثره بعد ذلك إلى الظاهر.. ألم تسمع قوله a:(أدبني ربي فأحسن تأديبي)[1]
قلت: بلى.. فاذكر لي نموذجا ييسر لي فهم ذلك.
قال: اقرأ ما ورد في صفات (عباد الرحمن) في القرآن الكريم.
أخذت أقرأ:﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً ﴾ (الفرقان:63)
قال: حسبك.. ألا ترى أن الآية بدأت وصف عباد الرحمن بكونهم يمشون؟
قلت: بلى.. ولكنها لو اكتفت بمشيهم فقط لما كان لعباد الرحمن في هذا أي ميزة.
قال: فبم وصفت مشيتهم؟
قلت: بالهون.. إنها ذكرت أنهم ﴿ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً ﴾
قال: فهذا هو السمت الحسن الصالح.. والذي هو جزء من النبوة.. والذي نحرص على تعليمه هنا في هذه المحضرة.
قلت: أهو مرتبط بالمشي فقط؟
قال: بكل سلوك من سلوكيات الحياة.. فلكل سلوك هونه الخاص به.
قلت: فما سر بدئكم به قبل التعليم؟
قال: لأنه لا يمكن أن يتعلم من لم يكن له سمت أهل العلم.. فالمدارس المستنة بسنة
[1] رواه أبو سعد بن السمعاني في أدب الإملاء.