ففي معرض ذكر الله تعالى لجواز تزين النساء بعد انتهاء إحدادهن،
قال:﴿ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً
يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذَا بَلَغْنَ
أَجَلَهُنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ
بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ (البقرة:234)
وهي تحمل عتابا مبطنا لمن ينكر عليهن، لأن في إنكاره تعديا على
الله، فالله هو الخالق الخبير بخلقه، وهو أعلم بما في نفوسهم وبواطنهم، وله وحده
لذلك الحق في الإنكار أو عدمه.
وفي معرض ذكره للصدقات قال تعالى:﴿ إِنْ
تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا
الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ
وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ (البقرة:271)، فالله تعالى عقب على هذا السلوك الذي هو إظهار الصدقات أو إخفائها
بكونه خبيرا، وكأنه يخبر من أظهر الصدقات بأن الله خبير يعلم نيته في إخراجه لها
علانية... فالعلانية لا تدل بحد ذاتها على الإخلاص أو على الرياء، ولهذا فهي تحتاج
إلى خبير يميز بينهما.
لقد كان لي صاحب من مصر.. كان اسمه سيد.. وقد حدثني مرة عن هذا، فقال
ـ وهو يحدثني عن الأسلوب الذي تميز به القرآن المكي ـ:(كان هذا القرآن يُواجه به
النفوس في مكة، ويروضها حتى تسلس قيادها، راغبة مختارة، ويرى أنه كان يواجه النفوس
بأساليب متنوعة،