شعر بفوات محبوبه تألم، فإن كان فواته بفعله تأسف على الفعل المفوت،
فيسمى تألمه بسبب فعله المفوت لمحبوبه ندماً، فإذا غلب هذا الألم على القلب
واستولى وانبعث من هذا الألم في القلب حالة أخرى تسمى إرادة وقصداً إلى فعل له
تعلق بالحال والماضي وبالاستقبال، أما تعلقه بالحال فبالترك للذنب الذي كان
ملابساً، وأما بالاستقبال فبالعزم على ترك الذنب المفوت للمحبوب إلى آخر العمر،
وأما بالماضي فبتلافي ما فات بالجبر والقضاء إن كان قابلاً للجبر)
قلت: فقد آل أمر التوبة إلى العلم؟
قال: أجل.. ولكنه علم مخصوص.. وهو العلم الذي يريك خطر الذنوب،
وكونها حجابا بينك وبين كل مرهوب، أو كونها سبيلا لكل شقاوة وضلالة ومرارة.. وحين
تعلم هذا وتتيقن به سيصيبك الألم لا محالة.. وحينذاك ستقدم على التوبة، وستفكر
فيها.
قلت: لقد حصل لي هذا.. فأنا ما امتلأت خشية من الله، ورغبة فيما في
يد الله حتى شعرت بأن ذنوبي هي الحجاب الحائل بيني وبين فضل الله.. وما شعرت بهذا
حتى طلبت منزل التوبة.
قال: لقد وفقت عندما طلبت التوبة على يد شيخك.
قلت: لم؟.. ألا يكتفى من المرء بأن يتوب لله من غير واسطة؟
قال: التوبة الكاملة لابد فيها من الواسطة.. ألم تسمع قوله تعالى:﴿
وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ
وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً ﴾
(النساء: 64)؟
قلت: هذه عن رسول الله a.
قال: وهي تصدق على ورثته.
قلت: ألا بد من هذا؟
قال: إن للتوبة أركانا وشروطا وحقيقة.. وفي كل ذلك مسالك ومهالك..
والشيطان