ويردد بعدها خطبة أخرى لرسول الله a جاء فيها بعد بعد حمد الله والثناء عليه
بما هو أهله:(أما بعد أيها الناس: فقدموا لأنفسكم تعلمن والله ليصعقن أحدكم ثم
ليدعن غنمه ليس لها راع ثم ليقولن له ربه، ليس له ترجمان ولا حاجب يحجبه دونه: ألم
يأتك رسولي فبلغك، وآتيتك مالا وأفضلت عليك، فما قدمت لنفسك؟ فينظر يمينا وشمالا
فلا يرى شيئا، ثم ينظر قدامه فلا يرى غير جهنم فمن استطاع أن يقي وجهه من النار
ولو بشق من تمرة فليفعل، ومن لم يجد فبكلمة طيبة فإن بها تجزى الحسنة عشر أمثالها
إلى سبعمائة ضعف، والسلام عليكم وعلى رسول الله ورحمة الله وبركاته)[2]
بعد أن انتهى من خطبته، قال بعض الأساتذة الذين كانوا يلتفون
حوله: انظروا براعة الاستهلال والبداية المثيرة للانتباه في هذه الخطبة …انظروا كيف ابتدأت الخطبة بذكر
المسلمات الفكرية والعقدية لجماعة المسلمين لتبني الرأي العام على أساس عقيدة
الإيمان بالله الواحد الأحد..
قال آخر: وفي هذه الخطبة نرى رسول الله a كيف يستثير الدوافع الإيمانية
والإنسانية في المخاطبين، فقد جاءت الوصية بالتقوى ومراقبة الله تعالى في السر
والعلانية في جميع روايات الخطبة.. وجاءت استثارة الدوافع الإنسانية في الدعوة
للتكافل في المجتمع الإسلامي والبذل للمحتاجين.
قال آخر: وانظروا كيف راعى رسول الله a أحوال المخاطبين.. يؤكد ذلك أسلوب
الدعوة إلى التعاون بعد التأكيد على قضايا الإخلاص لله تعالى وتقواه في السر
والعلانية، وقد جاء هذا الأسلوب في صياغة بارعة تربط التآلف والتكافل الاجتماعي
بالإيمان بالله الواحد