قلت: وعيت كل هذا، ولا أحسب أني أخالفك
فيه.. ولكنك ذكرت أن هذا هو حصنكم من المصارعين، فكيف يكون ذلك؟
قال: المصارعون يعتبرون حديثنا عن نبينا
من الدين المحض الذي لا يرون حرجا من الحديث فيه.. فلذلك نحن نستغل غفلتهم في هذا..
فنملأ حياتنا بالمناسبات المختلفة التي نملأ بها قلوب الناس وعيا وتربية وهداية.
المصارعون يرونها مناسبات دينية محضة،
ولا يعلمون أن الهمم العالية تولد في تلك المناسبات.. ولا يغلب المصارع شيء كما
تغلبه الهمم العالية.
***
مكثت فترة طويلة مع الفاسي أتعلم منه
أسرار الخطب النبوية، وفقهها، وما تحمله من المعاني الرفيعة.. وقد اهتديت من خلال
صحبتي له إلى أن رسول الله a هو
سيد الخطباء ومعلمهم.. وأن الخطابة المؤثرة والفاعلة لا تكتمل إلا لمن اهتدى بهديه
فيها، فلم ينشغل بزخرفة ألفاظه، ولا أهواء نفسه عن المعاني الرفيعة التي كان رسول
الله a يرتقي المنابر لأجلها.
***
ما استتم صاحبي حديثه هذا حتى وجدنا أنفسنا قد قطعنا المرحلة السابعة
من الطريق من غير أن نشعر بأي عناء أو تعب.. ولم يخطر على بالي طيلة هذه المرحلة
ما كنا نقطعه من غابات موحشة، ومن سباع عادية تتربص بنا من كل اتجاه.
لقد تنزلت علي بمجرد قطعي لتلك المرحلة أشعة جديدة اهتديت بها بعد
ذلك إلى شمس محمد a.