قال: إن هذه الآية تأمرنا بأن نعرف ألسنة
قومنا حتى نخاطبهم بها.. فلا نخاطبهم بألسنة لا يفهمونها، أو لا يقبلونها، أو لا
يقبلون عليها.
قالوا: إن قومنا يتحدثون بالعربية.. ونحن
نتحدث معهم بها.
قال: ليس ذلك فقط ما تشير إليه الآية.
قالوا: فما الذي تشير إليه غير هذا؟
قال: لقد جعل الله ـ بحكمته في عباده
ولطفه بهم ـ لكل عصر وبيئة لسانا أو لغة تميزها، وتعبر عن وجهتها، واللغة ليست
مجرد ألفاظ يعبر بها كل قوم عن أغراضهم، بل هي أعمق من ذلك، فهي تتصل بخصائص
التفكير، وطرائق الفهم والإفهام.
قالوا: فكيف نتعلم ألسنة قومنا؟
قال: بسبعة سبل.. كل سبيل منها يقربكم
مرحلة إلى من تفتونه.
قالوا: فما أولها؟
قال: أن تعتمدوا على مخاطبة العقول
بالمنطق، لا على إثارة العواطف بالمبالغات..
قالوا: فما الثاني؟
قال: أن تدعوا التكلف والتقعر في استخدام
العبارات والأساليب، وأن تعتمدوا اللغة السهلة القريبة المأنوسة..
قالوا: فما الثالث؟
قال: أن تذكروا الحكم مقرونا بحكمته.. فالقرآن
حين يفتي في الخمر ـ وقد سألوا عنها ـ يقول:﴿ يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ
وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا
أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا﴾ (البقرة: 219)
وهكذا عندما يفتي في أحكام الحيض، قال
تعالى:﴿ وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ