تحاول هذه الرواية ـ بقدر الطاقة ـ أن تصور بعض وظائف
الهداية التي مارسها رسول الله a باعتباره رسول الله وواسطة الهداية بين الله وبين عباده.
وهدفنا الأول من ورائها هو تبيان السنن الحقيقية المرتبطة
بهذه الناحية العظيمة، والتي نالها من التشويه ما نال غيرها، حيث أصبحت الدعوة إلى
الله حجابا من الحجب التي تحول بين البشر والتعرف على دين الله الحقيقي.. وأصبح
الداعية ذلك الذي يحمل سلاح التكفير والتبديع .. ويحمل معه جميع أسلحة العنف،
ليرمي الخلق جميعا في سجون الحقد والكراهية التي تعمر قلبه.
وهدفنا منها كذلك التعريف برسول الله a من خلال القرآن الكريم، والسنة المطهرة، والورثة الذي تمثلوا هذا
الجانب فيه.
وهدفنا منها قبل ذلك وبعده ـ كما هو هدف هذه السلسلة ـ البرهنة
على أن هذا الرجل العظيم الذي اكتنزت حياته بكل كنوز الكمال، وكان مع ذلك هاديا
مهديا، يستحيل أن يكون كاذبا أو مخادعا أو مضللا، بل يجب أن يكون واسطة الهداية
الربانية الأعظم، وعنوان عنايته الأكبر.
وبما أنه يستحيل على أي كان أن يصور هذه الناحية العظيمة من
رسول الله a، فقد
استعرنا لذلك مثلما فعلنا في الرواية السابقة مجموعة من الورثة، كل وارث تمثل
جانبا من جوانب الهداية في شخصية رسول الله a، وراح يبشر بها، ويستعملها في هداية خلق الله.
وهذه النواحي هي:
الحكيم: فرسول الله a كان في غاية الحكمة في دعوته.. فقد كان يراعي المخاطبين في طباعهم
وقدراتهم وتوجهاتهم وحاجاتهم وأعرافهم.. وكان ينزل الناس منازلهم في