فدعا رسول الله a ربه تبارك وتعالى أن يمكنه منه،
فدخل المدينة معتمرا وهو مشرك فدخل المدينة حتى تحير فيها فأخذ، ورجع رسول الله a إلى أهله فقال: (اجمعوا ما كان
عندكم من طعام فابعثوا به إليه)، وأمر بلقحته ان يغدى عليه بها ويراح، فجعل لا يقع
من ثمامة موقعا ويأتيه رسول الله a فيقول: (ما عندك يا ثمامة؟) فيقول: (إيها يا محمد، إن تقتل
تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن ترد الفداء فسل منه ما شئت)، فتركه رسول
الله a حتى
إذا كان الغد فقال: (ما عندك يا ثمامة؟) قال: عندي ما قلت لك، وذكر مثله، فقال
رسول الله a:
(أطلقوا ثمامة)، فأطلقوه فانطلق إلى نخل قريب من المسجد، فاغتسل، ثم دخل المسجد،
فقال: (أشهد ألا اله الا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، يا محمد والله ما كان
على الأرض وجه أبغض إلى من وجهك فقد أصبح وجهك أحب الوجوه كلها إلى، والله ما كان
من دين أبغض إلى من دينك فأصبح دينك أحب الدين كله إلى، والله ما كان من بلد أبغض
إلى من بلدك فأصبح بلدك أحب البلاد كلها إلى، وان خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة
فماذا ترى؟) فبشره رسول الله a وأمره أن يعتمر.
قال ابن هشام: فبلغني أنه خرج معتمرا حتى
إذا كان ببطن مكة لبى فكان أول من دخل مكة يلبي، فأخذته قريش فقالوا: لقد اجترأت علينا،
فلما قدمو ه ليضربوا عنقه قال قائل منهم: دعوه فإنكم تحتاجون إلى اليمامة لطعامكم
فخلوه، وقالوا: أصبوت يا ثمامة؟ فقال: لا، ولكني أسلمت مع رسول الله a اتبعت خير دين، دين محمد،
ووالله لا تصل اليكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها رسول الله a، ثم خرج إلى اليمامة فمنعهم أن
يحملوا منها شيئا إلى مكة حتى أكلت قريش العلهز.
فكتبوا إلى رسول الله a: (إنك تأمر بصلة الرحم وإنك قد
قطعت أرحامنا)، فكتب رسول الله a إليه أن يخلي بينهم وبين الحمل، وأنزل الله عز وجل:﴿
وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ