قال: أما الصدقة فلا يخفى ثوابها وأنها لتطفئ غضب
الرب تعالى.. وأما المروءة فهي صرف المال في الضيافة والهدية والإعانة وما يجري
مجراها.. وأما وقاية العرض فهي بذل المال لدفع ثلب السفهاء وقطع ألسنتهم ودفع شرهم،
وهو أيضاً مع تنجز فائدته في العاجلة من الحظوظ الدينية.. وأما الاستخدام فهو أن
الأعمال التي يحتاج إليها الإنسان لتهيئة أسبابه كثيرة، ولو تولاها بنفسه ضاعت
أوقاته وتعذر عليه سلوك سبيل الآخرة بالفكر والذكر الذي هو أعلى مقامات السالكين.
قلنا: عرفنا
النوع الثاني.. فما النوع الثالث؟
قال شعيب:
النوع الثالث ما لا يصرفه إلى إنسان معين، ولكن يحصل به خير عام كبناء المساجد
والقناطر والمستشفيات، وغير ذلك من الأوقاف المرصدة للخيرات، وهي من الخيرات
المؤبدة الدارة بعد الموت المستجلبة بركة أدعية الصالحين إلى أوقات متمادية،
وناهيك بها خيراً.
التفت إلي،
وقال: هذه جملة فوائد المال في الدين سوى ما يتعلق بالحظوظ العاجلة من الخلاص من
ذل السؤال وحقارة الفقر، والوصول إلى العز والمجد بين الخلق، وكثرة الإخوان
والأعوان والأصدقاء، والوقار والكرامة في القلوب، فكل ذلك مما يقتضيه المال من
الحظوظ الدنيوية.
قلنا: وعينا
هذا.. فحدثنا عن آفات المال الدينية والدنيوية.
قال شعيب:
أما آفات المال الدينية فثنتان.
قلنا: فما
الآفة الأولى؟
قال شعيب:
الآفة الأولى أن تجر الأموال صاحبها إلى المعاصي.. فإن الشهوات متفاضلة، والعجز قد
يحول بين المرء والمعصية، ومن العصمة أن لا يجد.. ومهما كان الإنسان آيساً عن نوع
من المعصية لم تتحرك داعيته، فإذا استشعر القدرة عليها انبعث داعيته،