هذا القسم ولي من أولياء الله يقال له (هود)، وأنه
تعلم أسرار الترفع عن شهوة البنيان من نبي من أنبياء الله أرسله الله إلى قوم
انشغلوا بالبنيان عن الإنسان، إنه هود u ذلك الذي خاطب قومه
محذرا لهم من هذه الشهوة الخطيرة:﴿ أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً
تَعْبَثُونَ (128) وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (129)
وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ (130) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ
(131)﴾ (الشعراء)
عندما دخلنا
عليه مجلسه تعجبنا إذ رأينا حوله صنفين من الناس، أما أحدهما فقد عضه الفقر بنابه،
فلا يكاد يرى من الضعف والسقم، وأما الآخر، فقد احتضنه الغنى في قصوره، فامتلأ
لحما وشحما وأنفة واستعلاء.
عندما دخلنا
عليه رأيناه يلتفت إلى الفقراء المعوزين قائلا: لا تحزنوا ـ يامن فاتتكم سكنى
القصور ـ وحولوا من أكواخكم قصورا منيفة تقصر أمامها قصور الجبارين.
لا تحزنوا
ففي أكواخكم من القصور المبنية بلبنات السعادة، والمغشاة بطلاء السكينة، والمفرشة
بفراش الرضا ما يغنيكم عن القصور المبنية بالحجارة والحديد، والمسقية بعرق
المحرومين والمستضعفين، والمفرشة بفرش الكبرياء والعزة الوهمية.
ثم يلتفت إلى
المترفين المشغولين بترفهم قائلا: التفتوا يا عباد القصور للحقائق المسجلة في
دواوين القبور، فإنها تقول بلسان فصيح لمن انشغل ببنيانه عن نفسه: