قال: الاحتراز
عن المعاريض، وذلك لأنها تقوم مقام الكذب، إذ المحذور من الكذب تفهيم الشيء على
خلاف ما هو عليه في نفسه.. فمن اضطر إلى شيء من ذلك فصدقه فيه أن يكون نطقه فيه
لله فيما يأمره الحق به ويقتضيه الدين، فإذا نطق به فهو صادق وإن كان كلامه مفهما
غير ما هو عليه.
وفي مثل هذا
الموضع ينبغي أن يعدل إلى المعاريض ما وجد إليه سبيلا، فقد كان رسول الله a إذا
توجه إلى سفر ورى بغيره[1] ، وذلك كي لا ينتهى الخبر إلى الأعداء فيقصد.
وليس هذا من
الكذب في شيء، فقد قال رسول الله a
: (ليس بكذاب من أصلح بين اثنين فقال خيرا أو أنمى خيرا)[2]
وطريقه ما
حكي عن بعضهم أنه كان يطلبه بعض الظلمة وهو في داره، فقال لزوجته. خطي بإصبعك
دائرة، وضعى الإصبع على الدائرة، وقولي ليس هو هاهنا. واحترز بذلك عن الكذب، ودفع
الظالم عن نفسه، فكان قوله صدقا، وأفهم الظالم أنه ليس في الدار.
قلت: وعيت الكمال
الأول، وهو أن يحترز عن صريح اللفظ وعن المعاريض أيضا إلا عند الضرورة .. فما الكمال
الثاني؟
قال: الكمال
الثاني أن يراعي معنى الصدق في ألفاظه التي يناجي بها ربه، كقوله: