قال: يستحيل أن يحب عبدا من عباد اللّه تعالى لقدرته،
وسياسته، وتمكينه، واستيلائه، وكمال قوته، ولا يحب اللّه تعالى لذلك، ولا حول ولا
قوة إلا باللّه العلي العظيم، فهو الجبار القاهر، والعليم القادر، السموات مطويات
بيمينه، والأرض وملكها وما عليها في قبضته، وناصية جميع المخلوقات في قبضة قدرته،
إن أهلكهم من عند آخرهم لم ينقص من سلطانه وملكه ذرة، وإن خلق أمثالهم ألف مرة لم
يعي بخلقها، ولا يمسه لغوب ولا فتور في اختراعها، فلا قدرة ولا قادر إلا وهو أثر
من آثار قدرته، فله الجمال والبهاء، والعظمة والكبرياء، والقهر والاستيلاء فإن كان
يتصور أن يحب قادر لكمال قدرته فلا يستحق الحب بكمال القدرة سواه أصلا.
قلت: وصفة
التنزه عن العيوب والنقائص، والتقدس عن الرذائل والخبائث؟
قال: لا
يتصور كمال التقدس والتنزه إلا للواحد الحق الملك القدوس، ذى الجلال والإكرام..
وأما كل مخلوق فلا يخلو عن نقص .. بل كونه عاجزا، مخلوقا، مسخرا، مضطرا، هو عين
العيب والنقص، فالكمال للَّه وحده، و ليس لغيره كمال إلا بقدر ما أعطاه الله،
وليس في المقدور أن ينعم بمنتهى الكمال على غيره فإن منتهى الكمال أقل درجاته أن
لا يكون عبدا مسخرا لغيره، قائما بغيره، وذلك محال في حق غيره، فهو المنفرد
بالكمال، المنزه عن النقص، المقدس عن العيوب.
قلت: فقد بان
بذلك أن صاحب الجمال والكمال المطلق هو الله تعالى.
قال: الجميل
المطلق هو الواحد الذي لا ندّ له، الفرد الذي لا ضدّ له، الصمد الذي لا منازع له،
الغني الذي لا حاجة له، القادر الذي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، لا راد لحكمه،
ولا معقب لقضائه، العالم الذي لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في السموات والأرض،
القاهر الذي لا يخرج عن قبضة قدرته أعناق الجبابرة، ولا ينفلت من سطوته وبطشه رقاب
القياصرة، الأزلي الذي لا أول لوجوده، الأبدي الذي لا آخر لبقائه، الضروري