قال: الثامنة
من عدلوا عن المنهج الواجب فى الوعظ.. فاشتغلوا بالطامات والشطح وتلفيق كلمات
خارجة عن قانون الشرع والعدل طلبا للإغراب.
وطائفة
اشتغلوا بطيارات النكت وتسجيع الألفاظ وتلفيقها.. وأكثر همهم فى الأسجاع
والاستشهاد بأشعار الوصال.. والفراق.. وغرضهم أن يكثر فى مجلسهم التواجد والزعقات
ولو على أغراض فاسدة.. وهؤلاء شياطين الإنس ضلوا وأضلوا.. فإن الأولين إن لم
يصلحوا أنفسهم فقد أصلحوا غيرهم وصححوا كلامهم ووعظهم.. وأما هؤلاء فإنهم يصدون عن
السبيل.. ويجرون الخلق إلى الغرور بالله بلفظ الرجاء فيزيدهم كلامهم جرأة على
المعاصى.. ورغبة فى الدنيا لا سيما إذا كان الواعظ متزينا بالثياب والخيل والمراكب
ويقنطهم من رحمة الله تعالى.
قالوا: وعينا
هذا .. فما التاسعة؟
قال: التاسعة
من فتنوا بكلام الزهاد وأحاديثهم فى ذم الدنيا فيعيدونها على نحو ما يحفظونه من
كلام حفظوه من غير إحاطة بمعانيها.. فبعضهم بفعل ذلك على المنابر.. وبعضهم فى
المحاريب.. وبعضهم فى الأسواق مع الجلساء.. ويظن أنه ناج عند الله.. وأنه مغفور له
بحفظه لكلام الزهاد مع خلوه من العمل.. وهؤلاء أشد غرورا ممن كان قبلهم.
العبَّاد:
قام آخر،
وقال: ما دمت قد ذكرت بأن الغرور يصيب كل طوائف الخلق.. فهل يصيب أولئك الذين
تفرغوا للعبادة، فصاروا مشهورين بين الخلق بالعبَّاد؟
قال الجيلاني:
ما دام العبَّاد من طوائف الخلق.. وما داموا يتعرضون لوساوس الشياطين.. وما دامت
لهم نفوس أمارة.. فلاشك أن الغرور يصيبهم كما يصيب سائر الناس.