أحدهما يفوت والآخر لا يفوت.. أو نفلان أحدهما يضيق
وقته والآخر متسع وقته.. فإن لم يحفظ الترتيب كان مغرورا.. ونظائر ذلك أكثر من أن
تحصى.. فإن المعصية ظاهرة.. وإنما الغامض تقديم بعض الطاعات على بعض.. كتقديم
الفرائض كلها على النوافل.. وتقديم فروض الأعيان على فروض الكفايات التى لا قائم
بها على ما قدم بها غيره.. وتقديم الأهم من فروض الأعيان على ما دونه.. وتقديم ما
يفوت مثل تقديم حق الوالدة على الوالد.. وتقديم الدين على القروض غيره.. وما أعظم
العبد أن ينفذ ذلك.. ويرتبه.. ولكن الغرور فى الترتيب دقيق خفى لا يقدر عليه إلا
العلماء الراسخون فى العلم.
قالوا: وعينا
هذا .. فما التاسعة؟
قال: التاسعة
فرق اهتموا بالعبادات المالية.. وهؤلاء أصناف متعددة..
فمنهم من يحرصون
على بناء المساجد والمدارس، ويكتبون أسماءهم عليها.. ليتخلده ذكرهم، ويبقى بعد
الموت أثرهم.. وهم يظنون أنهم استحقوا المغفرة بذلك.. وقد اغتروا فيه من وجهين..
أحدهما: أنهم
قد اكتسبوها من الظلم والشبهات والرشا والجهات المحظورة.. وهم قد تعرضوا لسخط الله
فى كسبها.. والواجب عليهم فى التوبة ردها إلى ملاكها إن كانوا أحياء أو إلى
ورثتهم.. فإن لم يبق منهم أحد وانقرضوا فالواجب صرفها فى أهم المصالح..
والثانى:
أنهم يظنون بأنفسهم الإخلاص وقصد الخير فى الانفاق.. وعلو الأبنية.. ولو كلف أحد
منهم أن ينفق دينارا على مسكين لم تسمح نفسه بذلك..
ومنهم آخرون ربما
اكتسبوا الحلال.. واجتنبوا الحرام وأنفقوه على المساجد، وهى أيضا مغرورة من وجهين:
أحدهما:
الرياء وطلب السمعة والثناء.. فإنه ربما يكون فى جواره أو بلده فقراء، وصرف المال
إليهم أهم.. فإن المساجد كثيرة.. والمساكين والفقراء محتاجون.