في ذلك اليوم العجيب، استيقظت فزعا مذعورا من رؤيا
رأيتها.. كانت أبعد ما تكون في وضوحها وصفائها عن الرؤى.. لقد كنت فيها ـ كما أنا
في اليقظة تماما ـ بجميع مشاعري وقواي وضعفي.. وكان الزمان فيها كالمكان ككل شيء
لا يختلف تماما عما أراه في اليقظة وأشعر به وأعيشه.
سأقص عليكم
ما بقي منها في خاطري.. فإن لها علاقة بهذه الرواية.. ولها علاقة كبرى بالرحلة العجيبة
التي حدثني عنها الشيخ الغريب الصالح، والتي سـأرويها لكم بدوري كما رواها لي[1].
لقد رأيتني
وحدي أنام على تراب الأرض.. كان ترابا ممتلئا بالماء.. وقد تحول نتيجة لذلك إلى
طين.. بل إنه تغير من طول المكث، فصار حمأ مسنونا.. لعله يشبه الحمأ المسنون الذي
تشكل منه آدم u.
استيقظت في
تلك المتاهة.. ولم أكن أعرف من أيقظني.. ولكني شعرت بيده الحانية تربت على كتفي..
وتوقظني بحنان.. كان ذلك هو أسعد شيء في رؤياي.. وليتها توقفت عند ذلك الحد.. ولم
أتعرض لتلك الاختبارات التي تعرضت لها.. والتي جعلت حلمي كابوسا ثقيلا ملأني رعبا.
سرت في تلك
المتاهة خطوات طويلة إلى أن وجدت قصرا مكتنفا بأشجار كثيرة.. وكان تحت الأشجار ماء
كثير.. وأزهار كثيرة.. وعشب جميل.
لقد كانت لي
في ذلك الحلم جراءة لم أعهدها في اليقظة.. ولذلك دخلت القصر من غير أن أطرق بابه..
فقد كان بابه مفتوحا..
[1]
ننبه إلى أن هذه الرؤيا التي نقصها هنا مجرد مثل.. والمثل لا يؤخذ به ـ كما هو
معروف ـ بكل وجوهه.