قال: أجل.. فبحسب المستقبلين، تكون الأشياء نافعة أو ضارة.
قلت: ألهذا يقال: العلم سلاح ذو حدين؟
قال: أجل.. وليس العلم فقط.. بل كل شيء سلاح ذو حدين..
فالسياسة عند الصالحين وسيلة للإصلاح، وعند الفاسدين وسيلة للمصالح.. والاقتصاد
عند الصالحين وسيلة لإطعام الجائعين، وهو عند الفاسدين وسيلة للاختلاس والسرقة وكل
أنواع اللصوصية.. وهكذا كل شيء.
قلت: واختيارات الإنسان هي التي تحدد بعد ذلك مصيره؟
قلت: بلى.. وقد قال الله تعالى قبلها: ﴿مَنْ كَانَ
يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ
جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (18) وَمَنْ أَرَادَ
الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ
مَشْكُورًا﴾ [الإسراء: 18، 19]، فالآيتان الكريمتان تذكران أن المصير
المقدر لكل إنسان ناتج عن اختياراته في الدنيا.
قال: بل حتى مصيره الدنيوي.. فالله سيد مقادير الدنيا
والآخرة.. ألم تسمع قوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا
وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرض وَلَكِنْ
كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ (لأعراف:96)، فقد أخبر
الله تعالى أن كل ما يحصل في الأرض من مشاق هو نتيجة حتمية للذنوب، على حسب ما
يقتضيه العدل الإلهي والحكمة الإلهية، التي رتبت المشقة على المعصية، كما رتبت
الراحة على الطاعة.
قلت: بلى .. وقد قال الله تعالى يذكر ذلك في آية أخرى عن أهل
الكتاب: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا
عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ