قلت:
بل كان وهما وتلبيسا، فلم تكن في تلك الشجرة تلك المواصفات، بل على العكس من ذلك، فبمجرد
أن أكلا منها ﴿ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ
عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ﴾ [طه: 121]
قال:
فهل ما حصل لآدم عليه السلام بعد أكله من الشجرة، واكتشافه لسرها، تطور أم
انتكاسة؟
قلت:
لقد عبر الله تعالى عن ذلك بالهبوط، وهو لا يعني سوى الانتكاسة، كما قال تعالى: ﴿
قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ﴾ [طه: 123]
قال:
وهكذا الحقائق.. هي ثابتة.. ولكن تعاملنا معها هو المتطور، وهو ليس بالضرورة تطور
إيجابي، بل قد يكون تطورا سلبيا.
قلت:
ما تعني؟
قال:
الله تعالى اختبرنا بشيئين: بمعرفة الحقائق كما هي من غير تبديل ولا تغيير،
وبالتعامل الصحيح معها.. فلو أن آدم عليه السلام اكتفى من معرفته بالشجرة التي نهي
عنها، بأنها شجرة منهي عنها، واكتفى من تعامله معها بعدم القرب منها، ثقة في ربه،
لما حصلت له تلك الانتكاسة.
قلت:
لا أزال لا أفهم مرادك.
قال:
لتفهم هذا تحتاج إلى معرفة ركنين من أركان التعامل مع الحقائق.
قلت:
ما هما؟
قال:
التوثيق والتفعيل.. فلا يمكن أن نصل إلى الحقائق الثابتة، ونتطور في التعامل معها
من دون هذين الركنين.
أ ـ توثيق الحقائق:
قلت: فحدثني عن توثيق
الحقائق، ولم كان مقدمة لتفعيلها؟