قال:
فكذلك حقائق اليوم الآخر عندما تتشربها القلوب، وتعيها العقول، لن تبقى مجرد
حقائق، بل تتحول إلى أعمال ممتلئة بالصلاح، وتتحول معها النفوس المكتئبة إلى نفوس
ممتلئة بالسعادة.. وتتحول معها الهمم الدنية إلى همم رفيعة تناطح الجوزاء.
قلت:
لقد ذكرتني بمقالة السحرة لفرعون، فقد دخلوا عليها أذلة يسبحون بحمده، لكنه ما إن
غمر الإيمان قلوبهم حتى راحوا يتحدونه.. لقد قال الله تعالى مخبرا عن حديثهم
وتحديهم: ﴿ لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ
وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ
الدُّنْيَا (72) إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا
أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (73) إِنَّهُ
مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا
يَحْيَى (74) وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ
لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى (75) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا
الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى﴾ [طه: 72 -
76]
قال:
وهكذا ترى كيف تحول الحقائق الإيمانية حياة الإنسان إلى حياة ممتلئة بالإيجابية
والقوة.
قلت:
لكن التطوريين يذكرون أن الدين أفيون الشعوب.
قال:
لقد ذكرت محل خطئهم، فهم لا يكتفون بمحل الخطأ، وإنما يتجاوزونه إلى غيره.. هم مثل
ذلك الدب الذي أراد أن يذب عن صاحبه الذباب؛ فقتله.
قلت:
أترى أن لهم بعض الحق فيما ذكروا؟
قال:
أجل.. وما كنت لأكذبهم تكذيبا مطلقا، ولو فعلت ذلك لكنت شبيها لهم.. وكيف أفعل
ذلك، والقرآن الكريم نفسه نطق بذلك قبل أن ينطقوا به..