قال:
لا .. أنا لم أعاين سوى ما عاينه أمثالي من المكذبين الضالين.
قلت:
ولكنك كنت مسلما، وعشت في بلاد المسلمين.. وكل أجدادك مسلمون، ويحملون أسماء
إسلامية.. بل إن بعضهم يذكر أن أسرتكم من الأسر الطيبة التي لها تاريخ كبير في
الصلاح.
قال:
أنت لا تعرف قوانين هذا العالم الذي أعيشه.. فهو عالم لا يغني فيه اسم ولا نسب ولا
حسب .. ولا آباء ولا أجداد.. لا يغني فيه إلا العمل الصالح.
قلت:
فكيف أجبت الملائكة حين سألوك؟.. لاشك أنك أجبتهم بما حفظناه في دروس التربية
الإسلامية.. وبما سمعناه في المساجد ودروس الوعظ، فقد كنت تقلدها، وتحفظ الكثير منها.
قال:
لقد كنت أحفظها في ذاكرة جسدي، لا في ذاكرة روحي.. ولذلك سرعان ما ارتبكت حين
سئلت.. فلم أجد نفسي إلا وأنا أقول لملائكة ربي: ها ها .. لا أدري..
ثم
ترجيت أن يتركوا لي الفرصة لأتذكر.. لكني لم أستطع، فقد غابت عني حينها كل الحقائق
التي كنت أحفظها..
قلت:
ولكن .. لم؟
قال:
لأني كنت أحفظها، ولا أؤمن بها.. أو كان إيماني بها لا يتجاوز حنجرتي.. بل كنت
أحيانا أسخر منها.
قلت:
كيف ذلك.. لم أكن أعلم ذلك.
قال:
لم أكن غبيا حتى أخبر الناس بذلك.. لأني كنت أجد مصالحي في الإيمان الذي عليه
قومي.. لكن قلبي كان مستغرقا في الدنيا، لا يرى سواها.. ولولا ذلك ما شاركت في تلك
الصفقة المشؤومة التي بعت بها كل ما عندي من بذور