العلاقة أصلا.
قلت: صدقت.. وربما يكون أولئك الذين مررت بهم من المتشائمين لم يدركوا هذا؛ فلهذا تحولت صداقتهم إلى عداوة.
قال: أجل.. فالصداقة مثل البناء.. إذا بني على غير أسس صحيحة انهار.
قلت: لكن وضع ما ذكرت من الأسس صعب.. فهل عندك من العلم ما يجعلني أضع به المعايير التي أميز بها الأصدقاء الذين تنفعني صحبتهم عن غيرهم.
قال: لقد ذكر لنا الهداة الذين تتملذنا على أيديهم الكثير من الموازين التي نزن بها الأصدقاء الذين يمكننا أن نستفيد منهم.
قلت: فهلا ذكرتها لي.
قال: سأذكر لك أربعة منها.. إن ظفرت بمن توفرت فيه ظفرت بالإكسير الأحمر الذي يغنيك عن كل أصدقاء الدنيا.
صحبة العقلاء:
قلت: فما أول موازين الأصدقاء؟
قال: ما أول شروط التكليف؟
قلت: العقل.. فلا يمكن أن يكلف مجنون.
قال: فكذلك الصداقة، لا يمكنك أن تصاحب مجنونا، وإلا عداك بجنونه.
قلت: لا أحد من الناس يرغب في صحبة المجانين، وهم لا يكادون يرغبون في صحبة أحد.. ولذلك لم تكن بحاجة لوضع هذا الميزان، لأنه موجود في الفطرة.
قال: الجنون ليس فقدان العقل فقط.. فمن الجنون ما لا يختفي فيه العقل، وإنما يختفي فيه استعماله.
قلت: ما تقصد؟