نام کتاب : المزارات الدينية بين الرؤية الإيمانية والرؤية التكفيرية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 25
وهم يبنون هذا على تلك النصوص التي ذكرها سلفهم
القديم والجديد، ومن الأمثلة على ذلك قول ابن القيم بعد أن ذكر قصة مسجد الضرار الذي نهى الله تعالى نبيه a أن يصلي فيه، وكيف
أنه a هدمه وحرقه: (ومنها تحريق أمكنة المعصية التي يعصى الله
ورسوله a فيها، مسجد يصلى فيه، ويذكر اسم الله فيه، لما كان بناؤه
ضرراً وتفريقاً بين المؤمنين، ومأوى للمنافقين، وكل مكان هذا شأنه فواجب على
الإمام تعطيله، إما بهدم أو تحريق، وإما بتغيير صورته وإخراجه عما وضع لـه، وإذا
كان هذا شأن مسجد الضرار؛ فمشاهد الشرك التي تدعو سدنتها إلى اتخاذ من فيها
أنداداً من دون الله أحق بذلك، وأوجب.. وعلى هذا فيهدم المسجد إذا بني على قبر،
كما ينبش الميت إذا دفن في المسجد.. فلا يجتمع في دين الإسلام مسجد وقبر، بل أيهما
طرأ على الآخر منع منه، وكان الحكم للسابق، فلو وضعا معاً لم يجز، ولا يصح هذا
الوقف ولا يجوز ولا تصح الصلاة في هذا المسجد لنهي رسول الله a عن ذلك ولعنه من
اتخذ القبر مسجداً، أو أوقد عليه سراجاً، فهذا دين الإسلام الذي بعث الله به رسوله
ونبيه وغربته بين الناس كما ترى)[1]
فهذا النص لا يدل فقط على مجرد التحريم، وإنما يدل
على التكفير أيضا، بل يدل فوق ذلك على مشروعية تدمير أمثال هذه المساجد، وهو ما
يطبقه كل حين المتأثرون بالرؤية التكفيرية.
مع
العلم أن من مقتضيات هذا الحكم تدمير كل المساجد التاريخية، بل حتى تلك المساجد
التي دفن فيها أئمة المذاهب الأربعة، فللشافعيّ ضريحه المشهور في مصر، ولأبي حنيفة
ضريحه في بغداد، وأحمد بن حنبل كان له قبر مشيّد في بغداد، جرفه شط دجلة حتّى قيل:
أطبق البحر على البحر، (وكلّ تلك القبور قد شيّدت، وبنيت في الأزمنة التي كانت
حافلة بالعلماء،