نام کتاب : المزارات الدينية بين الرؤية الإيمانية والرؤية التكفيرية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 45
والفقهاء يذكرون زياراتهم لقبور العلماء والصالحين،
ويذكرون تبركهم بها، واستجابة الله لدعواتهم فيها، كما سنرى بعض الأمثلة على ذلك
في الفصل الثاني من هذا الكتاب.
لكن الوحيد الذي راح يخرج هذه المسألة من المشروعية
إلى التحريم والبدعة ابن تيمية، الذي استعمل كل ما لديه من أنواع الجدل في بيان
عدم مشروعيتها، ولذلك، وبعد المناقشات الطويلة التي أجريت معه من فقهاء عصره، اضطر
إلى أن يحكم على نفس نية زيارة رسول الله a بالحرمة
وبعدم جواز تقصير الصلاة لمن ذهب إلى المدينة المنورة بتلك النية.
وقد أحدث ذلك لغرابته ردة فعل شديدة في المجتمع
الإسلامي بمدارسه المختلفة، والذي كان يقدس زيارة رسول الله a ويعتبر
الجدل فيها سوء أدب معه a.
وقد قال الحافظ ابن حجر يشير إلى الفتنة التي حصلت
بسبب فتاوى ابن تيمية في ذلك: (والحاصل أنهم ألزموا ابن تيمية بتحريم شدِّ الرحل
إلى زيارة قبر سيدنا رسول الله a.. وهي من
أبشع المسائل المنقولة عن ابن تيمية)[1]
وقال الحافظ أبو زرعة العراقي في بعض أجوبته المسماة
(الأجوبة المرضية عن الأسئلة المكية) عند الكلام على المسائل التي انفرد ابن تيمية
بها: (وما أبشع مسألتي ابن تيمية في الطلاق والزيارة، وقد رد عليه فيهما معاً
الشيخ تقي الدين السبكي، وأفرد ذلك بالتصنيف فأجاد وأحسن)[2]
وقال في (طرح التثريب): (وللشيخ تقي الدين ابن تيمية
هنا كلام بشع عجيب يتضمن منع شد الرحل للزيارة، وأنه ليس من القرب، بل بضد ذلك،
ورد عليه الشيخ تقي الدين السبكي في شفاء السِّقام فشفى صدور قوم مؤمنين)[3]