وبذلك فإن هذا الحديث، وانطلاقا من وثاقة جميع رواته،
لا يشكك في صحته وقبوله إلا من يعتمد مزاجه ومذهبه، لا الموضوعية العلمية، ولذلك
نرى أصحاب الرؤية التكفيرية يذكرون طرق الحديث الضعيفة، ويتركون القوية، حتى
يوهموا القارئ أنه ليس لذلك الحديث إلا تلك الطريق.
ومن الأمثلة على ذلك ما فعله الحافظ ابن كثير ـ تلميذ
ابن تيمية ـ حيث اقتصر في رواية هذا الحديث في مسند ابن عمر من هذا الطريق، طريق
عبد الله بن إبراهيم الغفاري، وترك الطريق الذي اعتمده الدارقطني، والآخر الذي
اعتمده البيهقي[2].
وهكذا فعل محقق الكتاب الذي اقتصر على ما ذكره الهيثمي
في تضعيفه للغفاري، دون أن يذكر الطريق الآخر للحديث[3].
وهكذا فعل صاحب (موسوعة أطراف الحديث النبوي الشريف)
فقد أخرج الحديث بلفظه عن سنن الدارقطني، و(الكنى والاسماء) للدولابي، و(مجمع
الزوائد) للهيثمي، و(تلخيص الحبير) لابن حجر، و(الدر المنثور) للسيوطي، و(إتحاف
السادة المتقين) للزبيدي، و(كنز العمال) للمتقي الهندي، و(تذكرة الموضوعات)
للفتني، و(الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة) للسيوطي، و(الكامل في الضعفاء)
لابن عدي[4]،
ولم يشر إلى رواية البيهقي في (السنن الكبرى) وفي (شعب الإيمان) المؤيدة لرواية
الدارقطني، مع كونهما من مصادر كتابه.