نام کتاب : المزارات الدينية بين الرؤية الإيمانية والرؤية التكفيرية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 8
ومثل ذلك المسلمون الذين وردت النصوص المقدسة في
دينهم تدل على وجوب الحج، وما يرتبط به من زيارات للأماكن المقدسة كالكعبة، والصفا
والمروة، وجبل عرفات، وقبر رسول الله a وقبور
الأنبياء والأئمة، وقبور من يعتقدون فيهم الولاية والصلاح، والتي لا تخلو منها
بلدة من البلاد الإسلامية.
وهذه الظاهرة المتفق عليها بين الأديان جميعا، لم تجد
من ينكرها أو يشاغب فيها، أو يحاول صد عنها سوى مدرسة واحدة هي المدرسة السلفية،
وخصوصا في فرعها الوهابي، والتي لم تكتف بتحريم كل ما يرتبط بهذه المزارات ـ ما
عدا الشعائر المرتبطة بالحج والعمرة ـ وإنما راحت تقوم بتكفير جماعي لكل من
يمارسها، وهي تعلم أن الأمة جميعا تمارسها، كما أشار إلى ذلك الشيخ علي بن أحمد الحداد
في رده على تكفير الوهابية لزوار أضرحة الأولياء والصالحين؛ فقال: (ومن قال بكفر أهل البلد
الذي فيه القباب وإنهم كالصنم فهو تكفير للمتقدمين والمتأخرين من الأكابر والعلماء
والصالحين من جميع المسلمين من أحقاب وسنين)[1]
وهو يشير بهذا إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب وتلاميذه
الذين كفروا جميع المسلمين بسبب تعظيمهم للأولياء، وبنائهم على قبورهم؛ فاعتبروهم
مشركين شركا جليا لا يختلف عن شرك أهل الجاهلية، بل قد يفوقه.
فقد وضع الشيخ محمد بن عبد الوهاب في (نواقض الإسلام) ما يجعل من جميع المسلمين
مشركين.. وأكثرها يعود إلى تعظيم الأولياء وتقديسهم واحترامهم، فمن تلك النواقض
(الشرك في عبادة الله تعالى.. ومنه الذبح لغير الله، كمن يذبح للجن أو للقبر، أو
للقباب.. ومن جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم الشفاعة ويتوكّل عليهم كفر
إجماعا.. ومن لم يكفّر
[1]
إحياء المقبور من ادلة جواز بناء المساجد على القبور ويليه اعلام الراكع الساجد،
السيد أحمد بن الصديق الغماري - السيد عبد الله الغماري، مكتبة القاهرة، ص7.
نام کتاب : المزارات الدينية بين الرؤية الإيمانية والرؤية التكفيرية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 8