وأشار إليه
الشيخ محمد رشيد رضا ـ وهو من المحدثين الذين يعتبرهم كثير من السلفية ـ فقد قال
في مواضع مختلفة من كتبه: (قال أحد كبار علماء الألمان في الأستانة لبعض المسلمين
وفيهم أحد شرفاء مكة: إنه ينبغي لنا أن نقيم تمثالا من الذهب لمعاوية بن أبي سفيان
في ميدان كذا من عاصمتنا (برلين) قيل له: لماذا؟ قال: لأنه هو الذي حول نظام الحكم
الإسلامي عن قاعدته الديمقراطية إلى عصبية الغلب، ولولا ذلك لعم الإسلام العالم
كله، ولكنا نحن الألمان وسائر شعوب أوربة عربا ومسلمين)[2]
بل أشار إلى ذلك
بصراحة ووضوح الأديب الكبير عمرو بن بحر الجاحظ، وقد كان قريب العهد من معاوية ومن
الفترة التي تولى فيها الأمويون، ورأى بعينه تدهور النظام السياسي الإسلامي، فقال:
(فعندما استوى معاوية على الملك، واستبد على بقية الشورى، وعلى جماعة المسلمين من
الأنصار والمهاجرين في العام الذي سموه عام الجماعة، وماكان عام جماعة بل كان عام
فرقةٍ وقهر وجبرية وغلبة، والعام الذي تحولت فيه الإمامة ملكاً كسرويا، والخلافة
منصباً قيصرياً، ولم يعد ذلك أجمع الضلال والفساق، ثم مازالت معاصيه من جنس ما
حكينا، وعلى منازل ما رتبنا حتى ردّ قضية رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم
رداً مكشوفاً، وجحد حكمه جحداً ظاهراً في ولد الفراش ومايجب للعاهر من إجماع الأمة
على أنّ سمية لم تكن لأبي سفيان فراشاً، وأنه إنما كان بها عاهراً، فخرج بذلك من
حكم الفجار إلى حكم الكفار)[3]