نام کتاب : أبو هريرة وأحاديثه في الميزان نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 236
نخسه الشيطان
فيستهل صارخا من مس الشيطان إياه. وفي لفظ آخر: كل بني آدم يمسه الشيطان يوم
ولادته؛ إلا مريم وابنها. وفي لفظ البخاري: كل بني آدم يطعن الشيطان في جنبه بأصبعه
حين يولد غير عيسى بن مريم ذهب يطعن فطعن في الحجاب. والسبب الظاهر الذي لا تخبر
الرسل بأمثاله لرخصه عند الناس، ومعرفتهم له من غيرهم هو: مفارقته المألوف والعادة
التي كان فيها إلى أمر غريب، فإنه ينتقل من جسم حار إلى هواء بارد، ومكان لم
يألفه، فيستوحش من مفارقته وطنه ومألفه)[1]
بالإضافة إلى
هذا كله فإن الحديث يتعارض مع قوله تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا
أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ
أَجْمَعِينَ (39) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ [الحجر: 39،
40]، وقد اتفقت الأمة جميعا على أن جميع رسل الله صلوات الله وسلامه عليهم من
المخلصين الذين لا يطيق الشيطان الاقتراب منهم أو إغواءهم، وهذا الحديث يتعارض مع
ذلك المعنى، ويجعل للشيطان سلطة على الجميع.
وقد كان هذا من
الأسباب التي جعلت جار الله الزمخشري يطعن في الحديث، كما ذكر ابن حجر ذلك في
قوله: (وقد طعن صاحب الكشاف في معنى هذا الحديث، وتوقف في صحته، فقال إن صح هذا
الحديث فمعناه أن كل مولود يطمع الشيطان في إغوائه إلا مريم وابنها، فإنهما كانا
معصومين، وكذلك من كان في صفتهما لقوله تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا
أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ
أَجْمَعِينَ (39) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ [الحجر: 39،
40].. واستهلال الصبي صارخا من مس الشيطان تخييل لطمعه فيه، كأنه يمسه ويضرب بيده
عليه، ويقول هذا ممن أغويه، وأما صفة النخس كما يتوهمه أهل الحشو فلا، ولو ملك
إبليس على الناس نخسهم لامتلأت الدنيا صراخا) [2]