وإنما يعينك على هذا ـ أيها
المريد الصادق ـ أن تقنع من الدنيا بما يكفيك، ولا تتجاوزه إلى ما يطغيك، كما ورد
في الحديث قوله a: (طوبى لمن هدي للإسلام
وكان عيشه كفافا وقنع به)([136])،
وهذا لا يضاد الغنى كما قد يتوهمه المتوهمون، وإنما يضاد الترف.. فصاحب المال الذي
يستثمره فيما ينفع الخلق مجرد وكيل فيه، ولذلك لا يتصرف فيه كمالك، وإنما كصاحب
مسؤولية يحاسب نفسه على كل دقيق وجليل تجاهها.
وقد قال بعض الصالحين مشيرا إلى
هذا: (أهل
الأموال يأكلون ونأكل، ويشربون ونشرب، ويلبسون ونلبس، لهم فضول أموال ينظرون إليها
وننظر معهم إليها وعليهم حسابها ونحن منه براء)
واعلم ـ أيها المريد الصادق ـ أن الغنى
الحقيقي هو غنى النفس، وليس غنى العرض والمتاع، فذلك غنى قارون، ولذلك قال a: (ليس الغنى عن كثرة العرض، إنما
الغنى غنى النفس)([137])
وقال: (كن ورعا تكن أعبد الناس،
وكن قانعا تكن أشكر الناس، وأحبّ للناس ما