نام کتاب : مثالب النفس الأمارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 157
لهذا، فإن هناك فرقا كبيرا بين ذلك الحب الفطري للشهوات
المباحة، وبين اتباعها، والاستغراق في الميل إليها، لأنها ستجعل صاحبها أسيرا لها،
خاضعا لمتطلباتها، ويترك كل شيء من أجلها، حتى الصلاة نفسها التي هي أساس علاقته
بربه.. وذلك ما يجعله منحرفا عن حقيقته وحياته وطبيعته وأهدافه التي خلق من أجلها.
ويصبح حاله حينها حال ذلك الطفل الكسول الذي دخل الامتحان،
وبدل أن يهتم بالإجابة على أسئلته راح يستغرق في الأحلام الجميلة، والألعاب
الملهية إلى أن خرج من الامتحان من غير أن يجيب عن الأسئلة التي طرحت عليه، والتي
كان عليها مدار نجاحه ورسوبه.. وهكذا حال من اتبعوا الشهوات، وغفلوا عن حقيقتهم،
وعن الدور العظيم الذي أنيط بهم في هذه الحياة الدنيا.
لا تيأس ـ أيها المريد الصادق ـ فليس هناك داء إلا وله دواء..
فلذلك أنصحك ـ إن خفت على نفسك من أن تكون من أتباع الشهوات ـ بهذين العلاجين.
العلاج المعرفي:
أما أولهما؛ فأن تعلم أن الله تعالى ما وفر لك الشهوات في
الدنيا، لتنعم بها، أو تنشغل باتباعها، وإنما خلقها لتعبر منها إليه؛ فتعلم أن لك
ربا رحيما كريما لطيفا، يراعي حاجاتك بدقيقها وجليلها، ويوفرها لك كما تحتاجها
بالضبط، ومن غير أن تسأله.
وحين تعلم ذلك، تخرج عن تلك القسوة التي يمارس بها أتباع
الشهوات شهواتهم، حين يتعاملون معها بكل حدة، وكأنها ملك لهم، لا ملك لله تعالى..
بخلاف المؤمن الذي يمتلئ قلبه ذكرا لله، فيذكر اسمه، ويحمده، ويثني عليه عند
تناولها.. ويشعر بأن الله تعالى هو الذي من عليه بها.. وبذلك تصبح دليله إلى ربه،
لا حجابا بينه وبينه، كما روي عن بعض الشيوخ أنه قال لمريد له رآه يشرب الماء
الساخن في الصيف الحار: (برّد الماء؛ فإن النفس إذا
نام کتاب : مثالب النفس الأمارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 157