responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مثالب النفس الأمارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 239

إذا عرفت هذا، فاقرأ تلك الآيات الكثيرة التي تتحدث عن أصحاب القلوب الحاقدة، والمصير الذي صارت إليه بسبب حقدها، وأولهم أولئك الذي وصفهم الله تعالى، فقال: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (28) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ﴾ [محمد: 28، 29]

فهاتان الآيتان الكريمتان تشيران إلى أن تلك الأحقاد التي امتلأت بها تلك القلوب المريضة التي كرمها الله بأن ترى النبوة وعظمتها ومعجزاتها، لكنها بسبب الغل الذي ملأها لم تر الحق، ولم تذعن له، بل آثرت سخط الله على مرضاته، إرضاء لحقدها.

وهي تشير كذلك إلى أن الأحقاد قد تكون مخفية، أو قد يظهر صاحبها بصورة المجادل الباحث عن الحق، بينما هو في حقيقته ليس سوى مرجل يغلي من الغل، ولذلك هددهم الله تعالى بالكشف على حقيقتهم التي تخفيها نفوسهم، فقال: ﴿وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ﴾ [محمد: 30]

وهي تشير إلى أن الحقد ـ وإن أخفاه صاحبه، أو اجتهد في إخفائه ـ سيفضحه، وسيظهر لا محالة عبر تصرفاته، وعبر ملامح وجهه، ونبرات صوته، ومواقفه، كما قال الشاعر:

ومهما تكن عند امرئ من خليقة ***   *** وإن خالها تخفى على الناس تعلم

وبذلك، فإن الآيات الكريمة تشير إلى أن منشأ الحقد هو ذلك الغل الذي تمتلئ به القلوب، وأنه قد يظهر أو لا يظهر، وعدم ظهوره لا يعني عدمه، وإنما يعني عدم توفر البيئة المناسبة له، ولذلك فهي تدعو إلى مراقبة القلوب، حتى لا تفضح عند الاختبارات الإلهية، ومنها ذلك الاختبار الذي عبر الله تعالى عنه بقوله: ﴿ إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ (36) إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ

 

نام کتاب : مثالب النفس الأمارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 239
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست