بل
أخبر الله عن فرعون أنه عندما أدركه الغرق قال:﴿ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ
إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾
(يونس:90) وفي هذا دليل على أن موسى عليه السلام دعاه إلى الإسلام، ولم يدعه إلى دين غيره.
وإياك
ـ أيها المريد الصادق ـ بعد هذا أن تتألى على الله، أو تحسب نفسك وكيلا له، أو
مفوضا عنه، تدخل من تشاء في رحمته، وتخرج من تشاء منها، فالله تعالى لم يوكل أحدا
من عباده بذلك.
وقد
أخبر رسول الله a عن جزاء ذلك الذي اعتقد نفسه موكلا بخزائن الرحمة
والمغفرة يصرفها لمن يشاء، ويحرم منها من يشاء، فذكر (أن رجلا قال: والله لا يغفر
الله لفلان، فقال الله: من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان؟ فاني قد غفرت
لفلان، وأحبطت عملك)([903])
وفي
حديث آخر، قال a: (ألا أحدثكم حديث رجلين من بني إسرائيل؟ كان أحدهما يسرف على نفسه، وكان
الآخر يراه بنو إسرائيل أنه أفضلهم في الدين والعلم والخلق، فذكر عنده صاحبه،
فقال: لن يغفر الله له، فقال الله لملائكته: (ألم يعلم أني أرحم الراحمين؟ ألم
يعلم أن رحمتي سبقت غضبي؟ فاني أوجبت لهذا الرحمة، وأوجبت على هذا العذاب، فلا
تتألوا على الله)([904])