نام کتاب : مثالب النفس الأمارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 61
أصغر الناس في نفسه وأرفع الناس
في أعين الناس)([53])
ولهذا كان الجزاء الوفاق المرتبط
بالمتكبر هو اللعن والبعد عن الله؛ فالله عزيز، ولا يرضى أن يقترب أو يقرب من أبعد
نفسه عنه، ولهذا رد على إبليس، فقال: ﴿ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنكَ رَجِيمٌ
(77) وَإِن عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ﴾ [ص: 77، 78]
ونفس الخطاب يوجه لكل المستكبرين
الذين ﴿إِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا
الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا﴾ [الفرقان:
60]، أولئك الذين يحرمون أنفسهم من الإذعان لآيات الله، وكيف يذعنون لها، وهم
ممتلئون بأنفسهم، ومحجوبون برؤيتها، قال تعالى: ﴿ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ
الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ
آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ
سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنهُمْ
كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ ﴾ [الأعراف: 146]
وختم الآية الكريمة بالغفلة، دليل
على أن الغفلة بنت من بنات الكبرياء، وثمرة من ثمراتها.. ذلك أن المستكبر ـ نتيجة
انشغاله بنفسه ـ صار غافلا عن ربه.. ولو أنه أعطى ربه بعض الأهمية التي يوليها
لنفسه لما غفل عنه.. ولهذا كان كل غافل يحمل بذور الكبرياء من حيث لا يشعر.
ولا تتوقف ثمار الكبر على ذلك،
وإنما قد تتدحرج بصاحبها إلى أن يطلب من الله أدلة حسية خاصة به، بحيث يراها رأي
العين، وهو يشبه في ذلك التلميذ الكسول الذي يأبى الدخول إلى الامتحان إلا بعد أن
يضعوا أمامه الإجابة.. وقد ذكر الله تعالى ذلك، فقال: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ
لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى
رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا (21)
يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ
وَيَقُولُونَ حِجْرًا