بعد أن فتح لنا باب الحركة سرنا مدة
من الزمن إلى أن صادفنا باب آخر كتب عليه: ﴿رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً
فِي الْجَنَّةِ﴾
(التحريم: 11)،
فتعجبت من هذه الكتابة، فقلت للمعلم: ما محل هذه الآية هنا؟
فقال: هذه الآية آية الهمم العالية.
قلت: وما الهمم العالية؟
قال: هي الهمم التي لا تتوقف عندها
المطالب، ولا تنقضي عندها الحاجات، ولا تسكن إلى شيء، ألم تقرأ ما قال ابن عطاء
الله في حكمه؟
قلت: تقصد قوله:(لا ترحل من كون إلى كون،
فتكون كحمار الرحى يسير، والذي ارتحل إليه هو الذي ارتحل منه، ولكن ارحل من
الأكوان إلى المكون)
قال: نعم، فهذه حكمة جليلة تبين
غاية الحركات ومنهجها، وقد كانت تتمثل في صدر امرأة فرعون عندما رفعت يديها بهذا
الدعاء.
قلت: لقد قال العلماء: إنها اختارت الجار قبل
الدار، فلم تقل:(ابن لي بينا في الجنة)، بل قالت: ﴿رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ
بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ﴾ (التحريم: 11)
قال: وتلك هي الهمة العالية، فلا
يكفي أن تتحرك، فكل شيء يتحرك، وإنما اجعل حركتك منتظمة كحركة الوجود، لتصل إلى
حقائق الوجود، وتسخر ما تحتاجه من الوجود.