قال: أنسيت أنك تتعلم السلام .. ثم
قل لي ماذا تجدي الثورة، سيقتل بعضكم بعضا، وسترتد بلادكم والقهقرى، وسيتضاعف عدد
الفقراء، وسينتقل الحاكم بعدها من حاكم له مجلس شورى إلى دكتاتور يقمعكم بقوانين
الطوارئ.
قلت: فالحل البسيط إذن أن نسأل
الحاكم في أول يوم يتولاه عن طموحاته جميعا، ونعاهده على السمع والطاعة لها،
ونشترط عليه أن يتفرغ لنا.
قال: انصحهم بذلك، فذلك أصلح لكم،
ولكن لا أراهم يستجيبون.
قلت: لم، وقد تحقق لهم كل ما يريدون
من غير أي عناء.
قال: وأين لذة النصر التي يذوقونها
يوم يقضون على أعدائهم واحدا واحدا، ويتم لهم الأمر؟
قلت: وما الحاجة إلى ذلك؟
قال: ألم أقل لك: إن الصراع لا
يشتهي السلام، وإن النفس المريضة المظلمة لا ترضى لبصيص النور أن يشع في جوانبها.
قلت: فما الحل؟
قال: الهمة، فهي مبدأ السلام، كما
أنها مبدأ الترقي.
قلت: وما الهمة، وكيف أتحقق بها؟
قال: الهمة هي أن تكون مطالبك من
الله بقدر جوده، ومن الكون بقدر سعته، ومن الحقيقة بقدر جمالها .. فلا تقنع بما
يقنع به الكسالى المخلدون إلى الأرض.