بعد أن فتح لنا باب
الزمن سرنا مدة إلى أن صادفنا باب آخر كتب عليه قوله a : (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)[1]
قلت: لا شك أن هذا باب
الأخلاق.
قال: أجل .. ومن لم يدخل
إليه تعذب بمدنيته في الدنيا قبل الآخرة .. ولم ينفعه تمدنه في الدنيا، ولا في
الآخرة.
قلت: لماذا تخوفني هكذا.
قال: هذا ليس تخويفا، هذه
حقيقة، فالأخلاق هي حامي هذه الأبواب، فمن لم يتخلق لم يفد الخلق بعلمه ولا
بإتقانه ولا بتطويره.
قلت: صدقت يا معلم، بل
الأخلاق هي الكنز الذي لو استثمره الفقراء لكسبوا به ما تعجز خزائن الأغنياء عن
تحمله.
قال: بل لو استثمروه لعاشوا
به في سعادة يعجز الأغنياء عن تحصيلها بأموالهم.
قلت: كيف ذلك.. وأنا أرى في الواقع
كثيرا من قومي قد فتحت لهم أبواب الثروة، وأغدقت عليهم شآبيب الرزق من غير أن يكون
لهم من الأخلاق كثير ولا قليل، فكيف يكون الخلق جزءا من التمدن؟
قال: وما فائدة أرزاق تكثر، وبركات
تنقص؟ وما قيمة مصانع تؤسس، وقصور تهدم؟