المدن، فلا أجد مكتبة أستريح فيها، أو أنهل منها، فأعيش غربة لا تقل عن الغربة التي عناها ابن خاتمة الأندلسي بقوله:
الزمْ مكانكَ فالتغربُ ذِلَّةٌ لو لم تَنَلْ غيرَ القرارِ نجاحا
فإِذا أرادَ اللّهُ مهلِكَ نملةٍ هيا لها كيما تطيرُ جناحا
قال: فلذلك كان من رحمة الله أن يجعل المال متداولا بين الناس.
قلت: وكيف جعله كذلك، ونحن نرى المال في الدول الرأسمالية يتركز في يد طوائف محدودة.
قال: ذلك في عالمكم .. العالم الذي انهارت فيه القيم .. أما العالم الذي يحكمه الشرع، فيستحيل أن يصل المرء إلى هذه الصورة.
قلت: أيسلب الشرع أموال الناس، أم يصادرها لهم؟
قال: الشرع لا يسلب ولا يصادر .. وإنما ينظم .. لأن أكثر أرباح هؤلاء لم تأت بالطرق الشرعية.. إن الأرباح التي تجمعت لهم هي التي سببت الفقر في العالم.
قلت: كيف؟ ألم نقل بأن الاستثمار لا يهتم بمن لديه المال .. المهم أن يستثمر فيه؟
قال: ولكن فيم يستثمر؟
قلت: فيما يعود بالمنفعة على الناس؟
قال: وهل تحقق هذا؟
قلت: أحيانا.