الثناء علينا، وإن رضيت أجرينا لك من الأمور ما قضينا لك
في الدهور)
قال: هذا القول من الواسطي تعبير عن حالة وجدانية معينة،
وليس تعبيرا عن مذهب أو فكرة كما قد يتصور.
قلت: ولكنه قد يكون معارضا للدعاء، أو يكاد يعتبره نقصا.
قال: لا.. سوء الفهم هو الذي جر إلى هذا المعنى.. لم يحتقر
أحد من الأولياء ما عظمه الله، ولكن هذا تعبير عن أحوال معينة.
قلت: ولكن كلامه واضح.. فلماذا نتعسف في تأويله.. وهو ليس
قرآنا حتى ندافع عنه.
قال: القرآن الكريم أعظم من أن يحتاج للدفاع عنه.. ولكنا
ندافع عن الحقيقة التي أسيء فهمها.. فلا ينبغي أن نقول: أخطأت إلا لمن أخطأ.
قلت: فلماذا لا نقول لهذا: أخطأت؟
قال: ألم يمر رسول الله a بمواقف كثيرة كان يكتفي فيها
بتصاريف الأقدار عن الإلحاح في الدعاء.
قلت: بلى.. ويكفي من ذلك أنه a كان يعصب الحجر على بطنه من
الجوع.. ومع ذلك لم يسأل الله رغيفا واحدا.
قال: بل إن في القرآن الكريم ما قد يستدل به على هذا.
قلت: أين؟
قال: تأخر طلب أيوب تعالى وصبره تلك الفترة الطويلة، كما
قال تعالى:
﴿، وَأَيُّوبَ
إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ((الانبياء:83)
قلت: لقد روي أنه مكث في البلاء مدة طويلة ثماني عشرة سنة،
فرفضه القريب والبعيد، إلا رجلين من إخوانه كانا من أخص إخوانه له، كان يغدوان
إليه ويروحان، فقال أحدهما لصاحبه: تعلم واللّه لقد أذنب أيوب ذنباً ما أذنبه أحد
من العالمين، فقال له صاحبه: وما ذاك؟