دخلت القاعة الأولى، وهي أنوار محضة لا يمكن وصفها، وإذا
لافتة مكتوب عليها قوله تعالى:﴿ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ
وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَراً إِنْ هَذَا
إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ﴾ (يوسف:31)
وسمعت صوتا حانيا قويا يقول ـ وكأنه يخاطب جميع مرضى
العالم ـ: (أول ما يكسر سورة الأنين الذي قد يتخذه الشيطان رماحا تحارب بها ربك هو
أن تغيب عن الأنين برب الأنين.. فتتخذ من هذا الذي أراد الشيطان أن يجعله نصبا
ليستل عقلك وقلبك وروحك، ويضمك إلى حزبه، معراجا تعرجا به إلى ربك، وسلما ترتقي به
إلى سموات لم تحلم بها في حال طمأنينة جسدك ورخائه)
قلت لمعلم السلام: ما هذه القاعة؟
قال: هذه قاعة الغيبة بالله، وهي القاعة التي يموت فيها
الألم انشغالا بالله.
قلت: فما تلك الآية، وما علاقتها بهذه القاعة؟
قال: ما تقول الآية؟
قلت: هؤلاء نسوة تهن في جمال يوسف، فقطعن أيديهن لفرط
ذهولهن، ومع ذلك لم يشعرن بما حصل في أيديهن من الألم[1].
[1] أثبت العلم الحديث هذا،
ففي دراسة موثقة تحت عنوان (إشارة قرآنية إلى ظاهرة شد الانتباه في تقليل الشعور بالألم) انطلقت من
الآية التي ذكرناها، جاء فيها أنه تم إجراء تجربة استخدام العلاج بشد الانتباه
برؤية مناظر خلابة من الطبيعة وسماع شريط يحتوي على أصوات رائعة من الطبيعة في
التخفيف من الآلام أثناء عملية منظار الشعب الهوائية وذلك بالإضافة للعلاج
المعتاد. وقورنت هذه المجموعة من المرضى بمجموعة أخرى ضابطة لم تتلق العلاج
الإضافي بجذب الانتباه (تغيير التركيز الإدراكي).
وخلص هذا
البحث إلى أن العلاج بشد الانتباه مع العلاج التقليدي أدى إلى تقليص الشعور بالألم
بصورة ذات دلالة إحصائية، وأوصى البحث بأن يقوم الأطباء باستخدام الإجراءات
الطبيعية بالإضافة إلى المسكنات المعتادة.