قال، وكأنه يواصل كلاما قديما: لتقرير هذه الحقائق ـ
الغائبة للأسف ـ نسوق هنا أكثر ما ورد في القرآن الكريم من ذكر الشيطان وعلاقته
بالإنس، باختصار، لنفهم المسألة على ضوء القرآن الكريم، لا على ضوء ما يشرعه
الرقاة المشعوذون:
فالله تعالى يقرر أن المس الذي يمس به الشيطان لا يعدو هذه
الوساوس التي يلقيها، فتملأ القلوب هما وحزنا، وقد يمتد تأثيرها إلى الجوارح مرضا
وأنينا، وقد يكون محل الوسوسة مريضا مستعدا لحصول الصرع، فيصرع ويتخبط، لتأثير تلك
الوساوس على نفسه، بل هو يتخبط لأي وساوس من الجن أو من الإنس.
وهذا التأثير الذي يحدثه الشيطان في القلوب والنفوس، وقد
يمتد إلى الجوارح والأعضاء، لا يكون إلا لأوليائه المقترنين به، قال تعالى:﴿
إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ
وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ (آل عمران:175)، وقال تعالى:﴿
وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِيناً فَسَاءَ قَرِيناً((النساء:38)، وقال
تعالى:﴿ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ
خَسِرَ خُسْرَاناً مُبِيناً((النساء:119)، وقال تعالى:﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ
نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ
الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾ (لأعراف:175)، وقال تعالى:﴿
تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ
الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ
أَلِيمٌ﴾ (النحل:63)
أما المؤمنون، فلا يضرهم الشيطان، قال تعالى:﴿
إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا
فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ﴾ (لأعراف:201)، وقال تعالى:﴿ إِنَّمَا
النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ
شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾
(المجادلة:10)
وذلك لأن معهم أسلحة مقاومته، قال تعالى:﴿ إِلَّا
عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ (صّ:83)، وقال تعالى:﴿ وَإِمَّا
يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ
عَلِيمٌ﴾ (لأعراف:200)