قال: هذا صحيح، ولكنه لا ينافي كونها رخصة، لأن النبي a وصفهم بكونهم لا يكتوون مع
ورود النصوص بإباحة الكي.
قلت: فلم كان الأمر كذلك؟
قال: لقد وصف رسول الله a السبعين ألفا بكونهم (على
ربهم يتوكلون) والمتوكل هو الواثق في الله الراضي بتحصين الله المكتفي به، أما
القاصر عن هذه الرتبة، فإنه يحتاج إلى أسلحة أخرى رخص فيها a كالاغتسال ونحوه..
قلت: ولكن ـ يا معلم ـ ألم يبلغك حديث سهل بن حنيف، فقد
روي أن أباه حدّثه: أن رسول اللّه a خرج وساروا معه نحو مكة، حتى إذا كانوا بشعب الخرار من
(الجحفة) اغتسل سهل بن الأحنف، وكان رجلاً أبيض حسن الجسم والجلد، فنظر إليه عامر
بن ربيعة أخو بني عدي بن كعب وهو يغتسل، فقال: ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة، فلبط
سهل، فأتى رسول اللّه a، فقيل له: يا رسول اللّه هل لك في سهل؟ واللّه ما يرفع رأسه
ولا يفيق، قال: (هل تتهمون فيه من أحد؟)، قالوا: نظر إليه عامر بن ربيعة، فدعا
رسول اللّه a
عامرا فتغيظ عليه، وقال: (علام يقتل أحدكم أخاه؟ هلا إذا رأيت ما يعجبك برّكت؟)،
ثم قال: (اغتسل له)، فغسل وجهه ويديه ومرفقيه وركبته وأطراف رجليه وداخلة إزاره في
قدح، ثم صبَّ ذلك الماء عليه، فصبه رجل على رأسه وظهره من خلفه، ثم يكفأ القدح
وراءه ففعل ذلك فراح سهل مع الناس ليس به بأس[1].